الهواتف الجوالة أدت إلى حدوث ثورة في الاتصالات. إلا أنها، ومثلها مثل الكثير من الابتكارات، جوبهت بالمخاوف إضافة إلى الترحيب، فهي ترسل موجات كهرومغناطيسية في نطاق الترددات الراديوية يمكنها أن تتداخل مع عمل الأجهزة الطبية مثل منظم ضربات القلب المزروع في جسم المرضى أو الأجهزة الطبية الحساسة الأخرى. إلا أنه لوحظ أنها لا تتداخل مع الأجهزة إلا عندما تكون قريبة جدا منها.
ولأن الأمواج الكهرومغناطيسية يمكنها أيضا أن تقود إلى تأثيرات بيولوجية، فقد تخوف بعض الناس من احتمال تسببها في ظهور السرطان. ولحسن الحظ فإن الكثير من الدراسات قد أخفقت في إيجاد صلة بين الهواتف الجوالة وبين ظهور الأورام الخبيثة في الدماغ، والعين، والغدد اللعابية، والعصب السمعي في الأذن، وذلك رغم أن دراسة نشرت عام 2008 أفادت بوجود رابطة بين استخدام الهاتف وبين ظهور أورام حميدة في الغدة النكفية parotid gland التي توجد تحت الفك الأسفل.
الهواتف والسائل المنوي
* إن من السهل علينا أن نرى توجه الباحثين إلى دراسة تأثيرات الهواتف الجوالة على أنسجة الرأس والرقبة. إلا أن باحثين من كليفلاند طرحوا تساؤلات أخرى. فبعد أن أشارت دراستهم على الحيوانات إلى احتمال أن تكون الأمواج الكهرومغناطيسية مضرة لوظيفة الخصيتين، تساءل الباحثون عما إذا كانت الهواتف الجوالة تؤثر على السائل المنوي للرجال.
وخضع 361 رجلا متوسط أعمارهم 32 سنة، من زوار عيادات العقم، إلى تجارب في هذا الشأن، وذلك بعد أن تم تقييم عدد من الرجال جميعا قبل الدراسة، لرصد الحالات المرضية التي تؤدي إلى التأثير على وظيفة السائل المنوي لديهم. وتم استبعاد الأشخاص المعانين من تلك الحالات من الدراسة.
وسجل كل مشارك في الدراسة عدد ساعات استخدامه الهاتف الجوال، كما قدم عينة من سائله المنوي لدراسته من قبل اختصاصيين لا يعرفون فترات استخدامه الهاتف الجوال. وأفاد 40 رجلا بعدم استخدامهم الهاتف الجوال، و107 رجال آخرين باستخدامهم له لفترة تقل عن ساعتين يوميا، و100 رجل آخرين استخدامه لفترة امتدت بين ساعتين و4 ساعات، وأفاد 114 رجلا باستخدامه لأكثر من 4 ساعات يوميا.
وعندما شرع العلماء في تحليل النتائج فإنهم رصدوا ظاهرة التدني المستمر في أعداد الحيوانات المنوية، مع ازدياد ساعات استخدام الهاتف الجوال. وإضافة إلى ذلك فقد تأثرت تركيبة الحيوانات المنوية بشكل سيئ، وتدنت حركيتها ومقدرتها مع ازدياد فترة استخدام الهاتف الجوال.
دراسة منفردة إن هذه الدراسة منفردة، وهي لا تأخذ في عين الاعتبار تعرض الرجال إلى الموجات الكهرومغناطيسية أثناء العمل، أو أثناء استخدامهم الأجهزة المزودة بتقنيات «بلوتوث»، أو الكومبيوترات، وكذلك فترة حمل الهواتف الجوالة العاملة، التي لا تستخدم في التحادث أثناء تلك الفترة. ويضاف إلى ذلك تجنب الإشارة إلى أن كل الرجال المشاركين كانوا يخضعون لتقييم حالات العقم لديهم.
ومع هذا، فإن الدراسة تثير احتمالات مهمة ـ ومقلقة ـ تشير إلى أن تقنيات الاتصالات الحديثة قد تتداخل مع التواصل الأزلي القديم بين الرجل والمرأة. وتجرى الآن دراسات أخرى للحصول على نتائج إضافية. لكن عليك أن تتذكر دوما أن الهواتف الجوالة تتسم بخطر صحي مؤكد: حوادث تصادم السيارات!
0 comments:
إرسال تعليق