أصبحت البدانة شائعة وتنتشر بين السيدات والرجال والأطفال ، وينزعج الناس منها ، فبجانب أنها تشوه منظر الجسم وتفقده القوام الرشيق تهدد الإنسان في صحته وإصابته ببعض الأمراض بل قد تتعدى هذا وتؤثر على عمر الإنسان ، ويقلق الناس منها .. فكثيرا ما يتبعون بعض الطرق الطبية السليمة وكذا الوصفات البلدية مثل شرب البقدونس المغلي أو شرب الجزر وخلافه وقد تستعمل الملينات والمسهلات بقصد إنقاص الوزن.
وقبل أن نبدأ حديثنا عن البدانة لا ننصح إطلاقا باستعمال المسهلات والملينات وكذا استعمال الوصفات البلدية مثل شرب ماء البقدونس المغلي أو ماء الجزر المغلي بقصد إنقاص الوزن فهي فضلا عن أنها غير ذي فائدة فإنها تضر الجسم من ناحية نقصان الأملاح والمعادن
إن البدانة شائعة في حوالي 50% من السيدات والرجال فوق سن الأربعين ، بل قد أصبحت أيضا ظاهرة شائعة بين الأطفال ، وخاصة في الدول ذات الدخول المرتفعة ، وخطورة البدانة أنها لا تقتصر فقط على تشويهها الكامل للمظهر بل يصاحبها أيضا أمراض وتهديدات لأعز ما نملك ، وهو الصحة وأكبر دليل على ذلك أننا لو راجعنا نسبة الإصابة ببعض الأمراض في الأشخاص المصابين بالسمنة وحاولنا مقارنتها بتلك التي تحدث في أصحاب الأوزان العادية الطبيعية لوجدنا أن الإصابة بأمراض الكلية ترتفع بنسبة 62% والبول السكري بنسبة 150%
البدانة في المرأة :
البدانة في المرأة عموما ليست على جانب من الخطورة كما هي عند الرجال فهناك استعداد طبيعي عند المرأة لزيادة وزنها ، ويرجع ذلك إلى الهرمونات الأنثوية التي تساعد على ترسيب الدهون في بعض مناطق الجسم ، كما يرجع ذلك جزئيا إلى وجود طبقة من الدهن العازل تحت الجلد تحول دون فقد المرأة لحرارة جسمها ، مما يؤدي إلى الإقلال من احتراق المواد الغذائية وتراكمها على هيئة دهون ، وباستمرار هذه الحلقة المفرغة يستمر ازدياد الوزن باضطراد.
لكم متى نعتبر الشخص بدينا ؟ وما هو المقياس ؟
الدقيق لكي نستطيع القول أن هذا الشخص بدين وذلك الشخص نحيف ، وما هو الوزن المثالي
إن المنظر العام يمكن **
أن يدلنا على ذلك ولكننا نحتاج إلى معيار أدق من النظر خاصة في الحالات البسيطة التي يصعب على العين الحكم فيها
وأفضل معيار للبدانة والنحافة هو مؤشر كتلة الجسم " "BMI Body mass index ويحسب كالتالي :
" الوزن بالكيلوغرام مقسوما على مربع الطول بالمتر "
ويكون مؤشر كتلة الجسم في أحد المجالات التالية
1- الشخص نحيف أقل من 18 BMI
2- الشخص مثالي الوزن من 18 الى 25 BMI
3- الشخص سمين أكثر من 25 BMI
مثال توضيحي
اذا كان لدينا رجل طوله 178سم ووزنه 84 كغ فهل هو نحيف أم معدل أم سمين :
BMI – يساوي الوزن بالكيلوغرام مقسوما على مربع الطول بالمتر.
- وزن 84 الطول 178 اذن و حسب المعادلة يكون 26 إذن فهذا الشخص سمين
عوامل البدانة وأسبابها
كثيرا ما نلوم إفرازات الغدد الصماء في إحداث البدانة ، وهذا صحيح في قلة قليلة من الحالات ، وفي أغلب الأحوال يكمن سبب البدانة خارج الغدد.
فهناك عوامل كثيرة تساعد على حدوث البدانة ، ولكن أيا كانت هذه الأسباب فجميعها في النهاية تؤدي إلى ازدياد كمية الطعام والشراب عن حاجة الجسم بالنسبة للسن والطول والجنس ونوع العمل
1- الإسراف في تناول الطعام
يعتبر هذا العامل من أهم العوامل المسببة للبدانة ، وقد سهلت الحياة المتمدنة الحديثة على ذلك عن طريق سهولة الحصول على كافة أنواع الأطعمة ، وفي نفس الوقت قللت من المجهود المبذول
ولو رجعنا إلى التاريخ الغذائي للإنسان الأول ، لوجدنا أن مكونات الغذاء كانت اللحوم صيد الحيوانات والفواكه ، وكان الإنسان يجوع عدة أيام حتى يحصل على الصيد ، أما الآن فالإنسان لا يجوع فهو يأكل يوميا نظرا لسهولة حصوله على الغذاء ، كذلك دخلت الحبوب والبقول غذائه وأصبحت إحدى مكوناته الرئيسية ، كما أن تكنولوجيا الغذاء الحديثة استحدثت العديد من الأطعمة الحلوة المستساغة الطعم ، كل هذا ساعد الإنسان وأغراه على الاستمرار في الأكل والشراب
ويجب أن نعلم ونحن نتكلم عن الغذاء هنا ، أن الغذاء الكامل للإنسان يجب أن يتكون من ثلاث عناصر هي
النشويات والبروتينات والدهون ويجب أن نعلم أن كل من هذه العناصر عند احتراقها تعطي طاقة تقاس بالسعرات الحرارية ، وعلى سبيل المثال فجرام النشويات
والبروتينات تعطي أربع سعرات ، بينما جرام الدهون يعطي تسع سعرات حرارية ولكل فرد منا عدد معين من السعرات يحتاجها يوميا لنشاط أجهزة جسمه حسب سنه ونوعية عمله ، فمثلا فإن الشخص البالغ ذي العمل العادي الغير شاق يحتاج لحوالي 2300 سعر يوميا ، توزيعها كالآتي :
250 جم نشويات
100 جم بروتينات
100 جم دهون
وإذا أخذت كميات أكثر من اللازم ، فإن الغذاء الزائد عن حاجة الجسم يختزن على هيئة دهون مكونا بذلك البدانة
2- العامل الوراثي والعامل البيئي
لا شك أن هناك عاملا وراثيا في البدانة ، فقد لوحظ أن نسبة البدانة في الأطفال دون سن الخامسة عشر هي أقل من 10% إذا كان الوالدان من ذوي الأوزان الطبيعية ، بينما ترتفع النسبة إلى 40% إذا كان أحد الوالدين بدينا ، وتصل إلى 80% إذا كان كلاهما بدينا ولا يمكننا الفصل بين العامل الوراثي والعامل البيئي ، أي عادات الأكل الغذائية ، فإن بذور الميل للبدانة تزرع في الإنسان في شهوره الأولى ، وغذاء الطفل في هذه الحقبة هو الذي يحدد وزنه على مر الأيام والسنين ، ومن ثم خطأ الأم التي تظهر عطفها وحنانها على طفلها عن طريق كثرة إطعامه ، وتشجيعه على الأكل بين الوجبات الرئيسية إذ أن ذلك له تأثير دائم على مركز تنظيم الشهية بالمخ.
3- العامل العصبي والنفسي
في بعض الحالات وخصوصا في الإناث ، يرجع سبب البدانة إلى أسباب عاطفية أو قلق نفسي ، مما يجعلهن يقبلن على تناول الطعام بشراهة زائدة وبنهم كوسيلة للإشباع النفسي وللخروج من الضيق
4- عامل الكسل والخمول
لقد أصبح التليفزيون والراديو والسيارة الخاصة من سمات الحياة العصرية ، الأمر الذي أدى إلى الإقلال من الحركة والخمول ، ويستتبع ذلك بالطبع نقصا في استهلاك الطاقة المختزنة على هيئة دهون ، وبذلك ما يؤخذ من طعام يزيد باستمرار عن احتياجات الجسم ، مما يؤدي إلى البدانة .
ما نوع الغذاء الذي ينبغي أن يحدد أي العلاج بالتنظيم الغذائي
لكي ننقص في الوزن لا بد لنا من خفض عدد السعرات اليومية في الغذاء إلى حوالي 800 الى 1000 سعر
وليس من الحكمة أن ننقصها من البروتينات ، إذ أن هذه المواد تستعمل أساسا في بناء الأنسجة وليست مصدرا للطاقة ، ولذا ينصب اهتمامنا على النشويات والدهون ، لأن كليهما مصدر هام للطاقة وهذا نموذج للغذاء اليومي الذي يعطي حوالي 1000 سعر حراري .
الإفطار :
- نصف كوب عصير
- طماطم أو جريب فروت
- شاي أو قهوة باللبن بدون سكر
- بيضة واحدة مسلوقة أو قطعة صغيرة من الجبن الأبيض حوالي 50جم ربع رغيف خبز بلدي أو واحد توست
الغذاء :
- ملء اثنان فنجان شاي خضار مسلوق مثل الخبيزة أو السبانخ أو القرنبيط بدون زيت أو سمن أو ملء فنجان واحد من الخضار المشكل مثل الكوسا والفاصوليا باستثناء الجزر
- شريحة من اللحم الأحمر تزن حوالي 250جم قبل الطهي أو ربع فرخة أو قطعة سمك من السمك المشوي أو المسلوق 300جم قبل الطهي
- سلاطة خضراء بدون زيت ويسمح بالتوابل والمشهيات باستثناء الزيتون
فاكهة :
برتقالة أو تفاحة أو كمثري واحدة أو عدد اثنان خوخ أو عدد اثنان برقوق
العشاء :
نصف كمية الغذاء في كل شيء ويجب عدم تناول المشروبات الغازية أو الكحولية كالبيرة ، أو أكل التالي كالترمس والفول السوداني الخ
عدد مرات الأكل اليومية
كثيرا ما نتعرض إلى هذا السؤال في صيغة ما رأيك يا دكتور في حذف الإفطار كله ؟! والرد على ذلك هو أنه الخطأ كل الخطأ إذ قد ثبت بالفعل أنه كلما كثرت عدد مرات الأكل اليومية في الحدود المسموح بها كلما نقص الوزن أكثر ، ويرجع ذلك إلى أن الغذاء في حد ذاته يزيد من سرعة الاحتراق ، وهناك حقيقة ملموسة، فأولئك الذين يتناولون الإفطار ينقص وزنهم أكثر من الذين يهملون إفطارهم.
كمية الماء اليومية :
هناك بدعة كثيرا ما نسمع عنها ، وهي أن البدانة ما هي إلا حالة ورم وماء بالجسم ، ورواد هذه البدعة ينصحون بالإقلال من كمية ماء الشرب اليومية ، كما يلجأون إلى العقاقير التي تكثر من إدرار البول صحيح أن الماء يكون حوالي 40% الى 50% من وزن الجسم الكلي ، وأن الدهون في الأنسجة التي تحتوي على كمية أكبر من الماء أكثر من غيرها إلا أن العلة في البدانة ليست أساسا في زيادة كمية الماء المختزنة ، بل في زيادة كمية الدهون ويستتبع ذلك بالطبع احتواء الجسم على كمية أكبر من الماء ، لذلك عند العلاج ينبغي أن يكون هدفنا الأساسي إزالة الدهن بالرجيم ، وسوف يتبع ذلك حتما فقد الجسم لكمية من الماء بطريقة أوتوماتيكية هذا فضلا عن أنه
يوجد بجسم الإنسان السليم ميكانيكية خاصة لحفظ كمية الماء بالجسم ثابتة مهما أفرط الإنسان في شرب الماء على هذا الأساس فإن استعمال مدرات البول في حالات البدانة تصبح غير ذي موضوع فضلا عن أن تأثيرها مؤقت ومحدود ، كما أن لها بعض المضار ، والأفضل هو استعمال الرجيم ، وسوف يفقد الجسم تبعا لذلك كمية من الماء ، ولو أن ذلك قد يتأخر لبضعة أيام
الرجيم أم المجهود العضلي
كان الاتجاه السائد هو أن المجهود العضلي لا يأتي بفائدة ترجى مثل اتباع الرجيم ، وكانوا يدللون على ذلك بأنه لكي نستهلك الطاقة الموجودة في ربع رغيف خبز بلدي ، يجب علينا أن نمشي سريعا لمدة نصف ساعة أو نركب دراجة لمدة عشرين دقيقة ، أو نسبح لمدة عشر دقائق وقد فاتهم أن المجهود العضلي يستهلك من السعرات كمية أكبر مما يتخيلونه ، ويرجع ذلك إلى أن المجهود العضلي يزيد من سرعة الاحتراق والتمثيل الغذائي ، وخاصة إذا أعقب المجهود العضلي الأكل مباشرة
هل من فائدة لاستعمال العقاقير في البدانة
تلعب العقاقير دورا ثانويا جدا في علاج البدانة ، إذا ما قورنت بالرجيم ، ويحسن عدم استعمالها كلما أمكن ذلك ، فالعقاقير التي تضعف الشهية مثل البريلودين والاوبوزان والجراسيدين الخ ..
وكثيرا ما تسبب توترا وعصبية ظاهرة وشعور بالخوف والأرق ، كما أن هناك احتمال الإدمان على هذه العقاقير ، ولذا ننصح فقط باستعمالها لمدد محدودة أي في الأسابيع الأولى من اتباع الرجيم ، لمساعدة الشخص على الالتزام بالرجيم الجديد
أما عن خلاصة الغدة الدرقية وهرمون الثيروكسين ، فمن الثابت أن ذلك غير ذي فائدة على الإطلاق إلا إذا أعطيت بكميات كبيرة تزيد عن حاجة الجسم ، الأمر الذي يسبب أعراضا غير مرغوب فيها مثل ضربات بالقلب وزهق مع إفراز عرق شديد وشعور بالضيق، أما عن مدرات البول فقد سبق أن نوهنا عن ضررها.
النقص السريع أم البطيء في الوزن
كثير من الناس يصرون على إنقاص وزنهم بأسرع ما يمكن ، وفي أقل مدة ممكنة ، وهذا خطأ ، فإن العبرة ليست في إنقاص الوزن بقدر ما هي في الحفاظ على الوزن الجديد ، ولا يتأتى ذلك إلا باعتياد رجيم عملي مقبول يمكن الاستمرار فيه لمدد طويلة .
ومن هنا فانه من غير المستحسن وصف المساحيق الغذائية الكاملة المعبأة على هيئة برطمانات مثل المنفتين ، صحيح أن ذلك ينقص الوزن سريعا ، ولكن هل يستطيع الشخص أن يستمر على ذلك طول حياته ، الواقع أنه لن يحتمله أكثر من أسبوعين، لذلك من الأفضل أن يتعود الشخص البدين على غذاء طبيعي مكون من اللحوم والخضراوات وقليل من النشويات .
0 comments:
إرسال تعليق